متابعة - شبكة قُدس: حرب استيطان غير مسبوقة تشنّها حكومة الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة، بوتيرة متسارعة تتجاوز كل ما عُرف في السنوات الماضية، مستغلةً ممارسة "غض البصر" المقصود عن أفعالها من قبل المجتمع الدولي.
وبين مصادرة الأراضي، وتوسيع المستوطنات، وشقّ الطرق الالتفافية، وتهجير التجمعات الفلسطينية قسرا، تتحول الضفة إلى ساحة استكمال للمشروع الاستيطاني، في محاولة لحسم الواقع على الأرض وفرض وقائع ديمغرافية وجغرافية جديدة تُجهز على ما تبقى من الأرض الفلسطينية في الضفة والقدس المحتلتين.
وتترافق هذه الحرب، مع تصعيد ميداني منظم تشارك فيه قوات الاحتلال والمستوطنون معًا، عبر اقتحامات يومية ومكثفة للمدن والقرى، واعتداءات على الأهالي وممتلكاتهم، وإغلاق طرق، وإقامة بؤر استيطانية جديدة تحت حماية جيش الاحتلال، ويجري كل ذلك ضمن سياسة رسمية معلنة تهدف إلى تفكيك الجغرافيا الفلسطينية، وخنق التجمعات السكانية، ودفع الفلسطينيين إلى التهجير القسري، في ظل الزحف الاستيطاني الذي يعيد تشكيل الضفة الغربية بالقوة.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، إن الاحتلال يمارس خطوات متسارعة في سباق إبادة الجغرافيا الفلسطينية لصالح مشروع الاستيطان الاستعماري، معتبرًا أن هذا القرار تصعيد خطير ويكشف عن النوايا الحقيقية لحكومة الاحتلال في تكريس الضمّ والفصل العنصري والتهويد الكامل للأرض الفلسطينية.
وبين شعبان أن حكومة الاحتلال تسير وفق خطة متكاملة تهدف إلى موضعة أكبر قدر ممكن من المستوطنات والتكتلات الاستيطانية في الجغرافيا الفلسطينية بهدف الفصل الجغرافي وإخضاع الحياة الفلسطينية لمنطق الجنون الاستعماري، داعيا إلى تحرك عاجل من الأمم المتحدة والدول لوقف هذا التمدد الخطير.
ووفق ما أفاد شعبان في مقابلة خاصة مع "شبكة قُدس"، فإن هذا التوسع غير المسبوق، يأتي ضمن مخطط الاحتلال الكامل للضفة الغربية والقدس، فخلال العام الجاري أقرت حكومة الاحتلال ثلاثة مشاريع كبرى وهي إقامة 13 حي استيطاني، وإقامة 22 بؤرة استيطانية وكذلك المصادقة على إقامة 19 مستوطنة جديدة على امتداد الضفة، بالإضافة إلى رصد موازنة ضخمة من قبل حكومة الاحتلال على مدار السنوات الخمس القادمة لصالح التوسع الاستيطاني، ومشروع E1، كإجراءات حقيقية وفعلية لمسألة الضم الذي لم يبق منه إلا الإعلان الرسمي، وفق شعبان، الذي أكد أن على الأرض يجري تنفيذ مخطط الضم بشكل فعلي وحقيقي.
وأوضح شعبان، أن هناك اعتداءات ممنهجة ومنظمة من قبل ميليشيات المستوطنين وقوات الاحتلال من أجل إيجاد كل الظروف الطاردة للفلسطينيين من مناطقهم خاصة في مناطق الأغوار.
ووفق شعبان، فإن هناك جهودا دبلوماسية تقودها فلسطين على مستوى دولي أفضت إلى إدانات بعض الدول والجهات الدولية، مؤكدا أن ما يجري من إدانات بعض الدول للجهود الاستيطانية الكبيرة غير كافية، ويجب أن يكون هناك عزل حقيقي لحكومة الاحتلال ومقاطعة فعلية لها كونها تقود هذه الجهود الاستيطانية وتوجه ميليشيات وعصابات المستوطنين. وقال: من يريد أن يقول كلمته في موضوع الاستيطان يجب أن يقوم بخطوات فعلية على الأرض وتوفير خطوات فعلية لحماية الشعب الفلسطيني في ظل هذه الاعتداءات.
وبحسب شعبان فإن هناك مخطط إبادة للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بالتزامن مع عمليات تضليل يقودها الاحتلال على مستوى عالمي.
وبلغ التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة؛ مستوى قياسيا خلال عام 2025، وهو الأعلى منذ عام 2017، حيث إن مؤشرات الاستيطان وصلت هذا العام إلى أعلى مستوياتها، مع الإشارة إلى أنه تم تقديم أو الموافقة على أو فتح مناقصات لنحو 47,390 وحدة استيطانية، مقارنة بنحو 26,170 وحدة في عام 2024، في حين بلغ متوسط الوحدات الاستيطانية التي تم تسجيلها ما بين عام 2017 و2022؛ نحو 1280 وحدة استيطانية.
وهذا التوسع الاستيطاني، يمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، ويهدد إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية ومتصلة جغرافيا وذات سيادة كاملة، كما أنها تنتهك القانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
ومنذ مطلع العام الجاري 2025؛ هجرت قوات الاحتلال أكثر من ألف فلسطيني في المنطقة التي يصنفها الاحتلال (ج)، بالضفة الغربية المحتلة، وفق بيانات الأمم المتحدة، حيث تم هجم معظم المنازل التي هجروا منها بمزاعم عدم امتلاك تراخيص بناء، وهي تراخيص من شبه المستحيل حصول الفلسطينيين عليها، حيث يمثل هذا المستوى من التهجير ثاني أعلى معدل سنوي يسجل منذ عام 2009.
وخلال الشهر الماضي، تشرين الثاني، نفذت قوات الاحتلال والمستوطنون، نفذوا ما مجموعه 2144 اعتداء، من بينها 1523 من قبل قوات الاحتلال و621 اعتداء من قبل ميليشيات المستوطنين، تركزت معظمها في رام الله بـ 360 اعتداء والخليل بـ 348 اعتداء وبيت لحم بـ 342 اعتداءات ونابلس بـ334 اعتداء.
وتشمل الاعتداءات؛ الاعتداء الجسدي المباشر، واقتلاع الأشجار، وحرق الحقول، ومنع قاطفي الزيتون من الوصول إلى أراضيهم، والاستيلاء على الممتلكات، وهدم المنازل والمنشآت الزراعية، في وقت تُغلق فيه قوات الاحتلال مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية بذريعة “الأمن”، بينما يجري تمكين المستعمرين من التوسع داخلها.



